جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شفاء العليل شرح منار السبيل
200060 مشاهدة
ترجمة صاحب متن دليل الطالب

الشيخ مرعي الكرمي -رحمه الله-
هو الشيخ: مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي ثم المقدسي الحنبلي.
وُلِدَ في طور كرم بفلسطين وانتقل إلى القدس ثم إلى القاهرة واستقر بها إلى أن توفي رحمه الله تعالى.
وقد كان الشيخ مرعي مِن كبار علماء الحنابلة بمصر إماما محدِّثا فقيها، ذا اطلاع واسع على نقول الفقه، ودقائق الحديث، ومعرفة تامة بالعلوم المتداولة. وله مصنفات قيمة، وهي كثيرة متعددة، تبلغ (77) كتابا تقريبا، وقد تزيد على ذلك.
وكان ينظم الشعر، وله ديوان جيد، ومنه قوله:
لئـن قلَّدَ النـاسُ الأئمة إنني لفي مذهب الحَبر ابن حنبل راغبُ
أقلِّـدُ فتـواه وأعشـقُ قولَـه وللنـاس فيمـا يعشـقون مـذاهبُ

أَخذ العلم عن الشيخ محمد المرادي وعن القاضي يحيى الحجاوي
وفي مصر أخذ عن الشيخ محمد بن محمد بن عبد الله القلقشندي المعروف بمحمد حجازي الواعظ، وكان فقيها عالما، عالما بالتفسير والحديث، وقد شرح الجامع الصغير في اثني عشر مجلدا، وسَمَّاه: فتح المولى النصير بشرح الجامع الصغير توفي سنة (1035 هـ).
وأخذ عن الإمام المحقق أحمد بن محمد بن علي الغنيمي الأنصاري الخزرجي، وهو من فقهاء مصر وعلمائها، له حواشي وشروح في الأصول والعربية، ورسائل في الأدب والمنطق والتوحيد، وله تعليقات على تفسير البيضاوي و الزمخشري و أبي السعود جمعها في كتاب سُمِّيَ: حاشية الغنيمي في التفسير توفي سنة (1044 هـ).
توفي الشيخ مرعي في القاهرة في شهر ربيع الأول، سنة ثلاث وثلاثين وألف -رحمه الله- تعالى-.